الذي ظهر لنا من خلال الأدلة الشرعية
وهو الذي ندين الله به أن كل حكومة تحكم بغير ما أنزل الله فهي حكومة كافرة مرتدة
عن دين الله إذ لا يمكن أن يجتمع الإسلام مع الحكم بغير ما أنزل الله بعد قوله
تعالى : {ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الكافرون}.
ونحن نقول لهذه الأحزاب :
إن كنتم تريدون إصلاح المعاش قبل
استقامة العباد، وازدهار الاقتصاد بإفساد المعاد ..فأنتم ممن باع آخرته بدنياه وضل
عن الرشاد..!
قال تعالى : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ
الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ }
[الشورى: 20] .
وقال تعالى : {بَلْ تُؤْثِرُونَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: 16، 17] .
وقال تعالى : {كَلَّا بَلْ
تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} [القيامة: 20، 21].
وقال تعالى : {إِنَّ هَؤُلَاءِ
يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا }
[الإنسان: 27].
وإن كنتم تريدون التمكين قبل التحكيم
فلا يجوز لكم أن تجعلوا من التحاكم إلى غير شرع الله رأس الأسباب، فهذا دخول من
غير الباب، وعمل على غير الجادة والصواب .
وقد قال تعالى : { فَمَنْ كَانَ
يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف: 110].
واعلموا أن وصولكم إلى السلطة لا
يعني التمكين والانتصار بقدر ما يعني التمحيص والاختبار ..
وكشف ما ينطوي عليه منهجكم من مفارقة
الشريعة وموالاة الكفار.
إذا
ما أراد الله إهلاك نملةٍ ... سمت بجناحيها إلى الجو تصعدُ
فإما أن تتوبوا إلى الله عز وجل
وتحتكموا إليه وحده فتنصروا وتؤجروا ..
وإما أن تسيروا على المنهج
الديمقراطي الشركي فتفضحوا وتخسروا ..
ونقول للجماهير التي تلهث وراء هذه
الأحزاب :
أنتم بين خيارين ..
إما أن يكون تأييدكم لهذه الأحزاب
لأسباب دنيوية وأغراض نفعية بغض النظر عن تطبيق شرع الله عز وجل و التحاكم إليه، كما
قال القائل :
إني
أريدك للدُّنيا وعاجلها ... ولا أريدك يوم الدّين للدّين.
فأنتم في هذه الحالة ممن قال فيه النبي صلى الله
عليه وسلم :
(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم
القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن
السبيل ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها
سخط ....)الحديث، رواه البخاري من حديث أبي هريرة .
وإما أن يكون تأييدكم لهذه الأحزاب
لأسباب دينية ومصالح شرعية ..
فأين هي تلك المصالح الشرعية ؟
وأين الدين الذي تريدون تطبيقه من
خلال دعم هذه الأحزاب ؟
هل هو دين الديمقراطية ؟
أم هو دين القوانين الوضعية ؟
أم غركم القوم بمعسول الكلام وخدروكم
بالأماني والوعود ؟
وأخو الضلال يظل طول حياته
|
تبعا يعيش مخرسا ومسخرا
|
يمشي وراء الناعقين يجره
|
غر يساق إلى الحمام وما درى
|
ألا فاتقوا الله تعالى واصدقوه
يصدقكم وانصروه ينصركم .
وارفضوا من رفض شرع الله ..فلا
تكثروا له سوادا ..ولا تطرقوا له بابا ..ولا تسمعوا له خطابا ..
روى ابن أبي عاصم في السنة عن أنس بن
مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من سود مع قوم فهو منهم ).
أي : من كثر سوادهم فهو منهم .
نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة
المسلمين على تطبيق شرعه ويلهمهم الاجتماع والاعتصام بكتابه وسنة نبيه .
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه
الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه
: أبو المنذر الشنقيطي .
الجمعة
8 ربيع الثاني 1433هـ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق