الأحد، 16 سبتمبر 2012

أن اعرض عليهم دين الحق، وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلوها فخل عنهم


عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال: أخذ ابن مسعود قوما ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب إليه : أن اعرض عليهم دين الحق، وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلوها فخل عنهم، وإن لم يقبلوها فاقتلهم، فقبلها بعضهم فتركه، ولم يقبلها بعضهم فقتله).
وروى ابن ابي شيبة في المصنف :
 (حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال : كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب أن رجلا تبدل بالكفر بعد الإيمان، فكتب إليه عمر : استتبه، فإن تاب فاقبل منه، وإلا فاضرب عنقه). [مصنف ابن أبي شيبة - (12 / 269)].
وهذا دليل على أن عمر رضي الله عنه لم يكن يتهاون بحد الردة أو يرى جواز إسقاطه.
تنبيه:
في كتابه "جريمة الردة وعقوبة المرتد" زعم القرضاوي أن معنى هذا الأثر أن عمر لم ير عقوبة القتل لازمة للمرتد في كل حال وأنها يمكن أن تسقط أو تؤجل إذا دعت الضرورة إلى ذلك وأن الضرورة التي اقتضت ذلك في هذه الرواية كما يتبين من سياقها حالة الحرب وخوف التحاقهم بالمشركين وزعم أن ذلك جاء من عمر قياسا على ما ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم من ترك قطع الأيدي في الغزو خشية أن تدرك السارق الحمية فيلحق بالمشركين .
وهذا التأويل الذي زعمه القرضاوي باطل من سبعة أوجه :
الأول : يمتنع أن يكون الباعث لمقولة عمر خشية التحاقهم بالمشركين لأن هذا صدر منه بعد مقتلهم وحينها لا يتصور التحاقهم بالمشركين .
الثاني : أن عمر رضي الله عنه صرح بأنه أراد استتابتهم من أجل رجوعهم عن الردة فقال : "كنت أعرض عليهم أن يدخلوا في الباب الذي خرجوا منه " وفي الرواية الأخرى "هلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا لعله يتوب ويرجع ".
الثالث : تحديد عمر الاستتابة بثلاثة أيام دليل على أنه لم يرد إلا حصول الاستتابة ولو كان الأمر يتعلق بخشية التحاقهم بالمشركين لجعل غاية الاستتابة إلى الرجوع من الغزو .
الرابع : أن هؤلاء الرهط لم يقتلوا إلا بعد أن لحقوا بالمشركين كما صرح بذلك أنس فقال : "ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين " بل صرح في رواية البيهقي السابقة بأنهم "قتلوا في المعركة" وذلك دليل واضح على أنهم لحقوا بالمشركين.
الخامس: أن المرتد يختلف عن السارق في هذا الأمر لأن السارق يرجي بقاؤه مع المسلمين لأنه مازال منهم بخلاف المرتد فإنه يفارق المسلمين بعد ردته ولا معنى لبقائه معهم.
السادس : أن قتلهم أبلغ من السجن في منعهم من اللحاق بالمشركين .
وأثر عمر هذا هو كل ما استطاع القرضاوي إيجاده من مستند يدفع به حد الردة المجمع عليه .
السابع : أن عمر رضي الله عنه كان يرى إقامة الحد في الغزو :
 قال البيهقي : (وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي عبيدة بإقامة الحد على أبي جندل وصاحيبه في شرب الخمر، وكانوا بإزاء العدو) [السنن الصغرى للبيهقي - (8 / 61)].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق