الحمد لله الذي رفع السماء ووضع الميزان، والصلاة والسلام
على نبينا محمد المبعوث بالعدل والإحسان، وعلى آله وأصحابه المجاهدين
الشجعان.
أما بعد...
فقد أورد موقع "مفكرة الإسلام" نقلا عمّن قال أنه مراسل "المفكرة" في مدينة الرمادي خبراً مفاده: (أن أربعة مواطنين من أهل السنة قتلوا صباح اليوم في الساعات الأولى للاستفتاء بعد خروجهم من أحد المراكز وتصويتهم بـ "لا" على الدستور على يد عناصر تنظيم القاعدة، بحسب ما أعلنه أهالي القتلى...)، إلى أن قال: (والسؤال المطروح على الساحة العراقية؛ متى يتوقف تنظيم القاعدة عن مسلسل إباحة دماء المسلمين تحت دعاوى متعددة، بعد مقتل عدد من أبناء السنة في الرمادي اليوم بدعوى مشاركتهم في التصويت، وقبلها أهدر دم أعضاء الحزب الإسلامي، وقبل ذلك حمل أتباعه السلاح على رجال الفصائل الأخرى في حصار الفلوجة الثاني، تحت دعوى أن الواجب عليهم أن يدخلوا تحت بيعة الزرقاوي بعد دعوة أسامة بن لادن لذلك، ونتج عن هذا الخلاف؛ تزعزع موقف المقاومة، فقامت قوات الاحتلال الأمريكية باقتحامها المشهور للجزء الجنوبي من الفلوجة، بعدما كانت المقاومة تسترد أنفاسها وتتقدم شمالاً) اهـ
ورغم إنها ليست المرّة الأولى التي يورد فيها الموقع مثل هذه الأخبار المفتراة، إلا أنّ الأمر استوجب البيان ردّاً للشُبه الخطيرة التي سعى الموقع لنشرها في هذه المرحلة الحساسة في صراع الأمّة مع أعدائها.
ورغم المآخذ الشرعية الكثيرة على أمثال هذا الموقع، الذي يُحسب على المواقع الإخبارية الإسلامية، إلا أنّنا سنحصر الردّ فيما أوردته "المفكرة" من أباطيل في هذا الخبر، طلباً للإختصار الذي نرجو أن لا يخلّ بالمقصود:
أولاً:
إنّ الناظر لطريقة الصياغة لا يخفى عليه مدى تحامل الكاتب على المجاهدين في تنظيم القاعدة، وهذه الطريقة أبعد ما تكون عن عمليةِ نقلٍ لخبر - مهما كانت درجة الصّحة من الكذب فيه - بل هو موقف سياسيّ مبني على مجموعة وقائع - سنأتي عليها لاحقاً - وهذا الموقف ينتهي إلى تساؤل خطير هو؛ "والسؤال المطروح على الساحة العراقية؛ متى يتوقف تنظيم القاعدة عن مسلسل إباحة دماء المسلمين تحت دعاوى متعددة"، اذاً فهذه هي الرسالة التي يريد الموقع إيصالها، وسيجري ردّ هذه الشبهة إن شاء الله.
ثانياً:
إنّ هذا الاستنتاج بُني أساساً على مجموعة أكاذيب؛ وهذا أقلّ ما توصف به ما احتوته هذه المقالة من أخبار وهي:
1) "أن أربعة مواطنين من أهل السنة قتلوا صباح اليوم في الساعات الأولى للاستفتاء بعد خروجهم من أحد المراكز وتصويتهم بـ "لا" على الدستور على يد عناصر تنظيم القاعدة، بحسب ما أعلنه أهالي القتلى".
وهذه الحادثة - أي قتل أربعة من المصوّتين على الدّستور - لم تتأكد لدينا بعد سؤال الإخوة من أهل المنطقة المذكورة، أمّا نسبةُ هذا الأمر - على فرض وقوعه - لمجاهدي القاعدة "بحسب ما أعلنه أهالي القتلى!" كما صاغه كاتبُ الخبر؛ فليس له أي أساس من الصّحة، وهي والله من البهتان.
فالسياسة الشرعية للجماعة؛ هي عدم استهداف مراكز الإستفتاء، بسبب التلبيس الكبير الذي أحدثته حملات الدعاية الدّاخلية والخارجية، وخاصة من "علماء" السّوء وأصحاب الإسلام "الديمقراطي" و "الوطني"، وخاصة على عوامّ أهل السنّة، فألبست عليهم دينهم وألقت عليهم الشّبه التي فهم منها هؤلاء أن التصويت بـ "لا" هو نوع من أنواع إنكار المُنكر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وقد فنّد القسم الإعلامي أكذوبة سابقة مماثلة، نُسبت للشيخ أبي مصعب حفظه الله، في تهديد أهل السنة بالقتل، والتي روّجت لها وسائل الإعلام بعد أحداث تلّعفر الأبية، وإعلان الشيخ الحرب على الرّوافض الكفار.
ومما جاء في البيان المذكور: (أطلّت علينا وسائل الإعلام بما لم يفاجئنا؛ فاقتطعت ما شاء لها السيد الأمريكي أن تعرضه من كلام الشيخ، ثم نسبت إليه ما لم يقله، في تهديد أهل السنّة والجماعة ممن قرر رفض الدستور بالقتل إن هم توجهوا للاستفتاء عليه، وهذا كلّه كذب ومحض افتراء... إلى آخر البيان).
أمّا الهيئة الشرعية؛ فقد أصدرت أكثر من بيان حول موقف الجماعة من مسألة الدستور الكفري، واجتهدت بحسب إمكاناتها في كشف الشّبه حول هذه النّازلة التي ابتلي بها المسلمون، وقد ردّت على الفرية السابقة حول تهديد أهل السنّة، وعلى لسان الشيخ أبي حمزة البغدادي حفظه الله.
ومما جاء في البيان: (وقد أثارت جهات إعلامية معروفة الأغراض والنوايا، فريةً شاركتها بها بعض الأطراف المحسوبة على أهل السنة ومنها "هيئة علماء المسلمين" في العراق، والتي ادعوا فيها بأن الشيخ أبا مصعب حفظه الله هدد أهل السنّة والجماعة ممن قرر رفض الدستور بالقتل، إن هم توجهوا للاستفتاء عليه، وهذا كلّه كذب ومحض افتراء، وقلب للحقائق الشرعية التي أصلها الشيخ حفظه الله في خطابه... فالمسلمون أهل السنة والجماعة هم أهلنا، وهم أبناء القاعدة التي أهريق دمها على أرض الرافدين دفاعا عن كلمة لا إله إلا الله، وذبا عن أعراض ودماء المسلمين وحرماتهم... فكيف لنا يا أهل السنة أن نضع دماءنا دون دمائكم، ونحورنا دون نحوركم ثمّ نُتهم زورا بترويعكم وتهديدكم وسفك دمائكم، هذا لا يقبله شرع الملك الوهاب ولا عقل ذوي الألباب... إلى آخر البيان).
2) الكذبة الثانية قولهم؛ (وقبلها أهدر دم أعضاء "الحزب الإسلامي").
وهذا أيضاً من البهتان البيّن، فإضافة لما سبق أن قلناه، نتحدى هؤلاء أن يظهروا لنا؛ أين أعلنت الجماعة إهدار دم المنتمين للحزب "الإسلامي"؟! وبيانات الجماعة وهي بالعشرات موجودة على مواقع الإنترنت، ومتى وأين استهدفت الجماعة المنتمين لهذا الحزب؟! ومقرّات هؤلاء منتشرة في كثير من مناطق أهل السنّة.
هذا رغم خلافنا المنهجي الواضح مع هذا الحزب الضّال.
أما إن كان المقصود؛ ما وصف به الشيخ أبو مصعب حفظه الله رؤوسهم، فهذا والله ديننا الذي لا نقيل عنه ولا نستقيل، فهؤلاء خانوا الله ورسوله، وارتقوا مراتب الضلالة حتى أصبحوا دعاةً على أبواب جهنم، يبشّرون بدين "الديمقراطية"، ويوالون الكفّار من الصليبيين والمرتدّين، ويصدّون عن الجهاد والمجاهدين، ويروّجون سياسة الخنوع والخضوع، ولا يغارون على أعراض المسلمين، ومواقفهم المخزية المعلنة خير من يصف حالهم.
3) يقول الخبر: (وقبل ذلك؛ حمل أتباعه السلاح على رجال الفصائل الأخرى في حصار الفلوجة الثاني، تحت دعوى أن الواجب عليهم أن يدخلوا تحت بيعة الزرقاوي، بعد دعوة أسامة بن لادن لذلك، ونتج عن هذا الخلاف تزعزع موقف المقاومة؛ فقامت قوات الاحتلال الأمريكية باقتحامها المشهور للجزء الجنوبي من الفلوجة بعدما كانت المقاومة تسترد أنفاسها وتتقدم شمالاً)!
سبحانك هذا بهتان آخرُ عظيم، فمجاهدو التنظيم لم يرفعوا سلاحا في وجه مسلم قاعدٍ فضلا عن أن يكون مجاهداً، حاشا وكلا، ولمَسلمٌ موحدٌ مجاهدٌ في سبيل الله على ما يحملُ من بِدَعٍ، خير عندنا من ملئ الأرض ممّن يدّعي العلم بالتوحيد، وهو قاعدٌ يخذّل المسلمين ويصدّ عن سبيل الجهاد.
وإنّ أكثر ما يؤلم في هذا الأمر التّعرض لتلك الثلّة من المجاهدين في معركة الفلوجة، والتي أجرت بيعها مع ربّها وبايعت على الموت على أن تترك أرضاً أقيم عليها شرعُ الله، وكثيرٌ منهم قضى نحبه في تلك الملحمة، ومنهم من ينتظر...
أفهكذا يُذكر أبطال الأمّة؟! أفهكذا تُسرد ملاحمهم؟! والله لا نقول إلا أن يجيرنا الله في هذه المصيبة التي ابتلي بها أهل الإسلام.
أمّا مسألة البيعة؛ التي طُرحت بأسلوب وقح تجاه الشيخين الجليلين نصرهما الله، فليكن معلوماً - وهذا الأمر يعرفه الإخوة من بقية الجماعات المجاهدة السّنية في بلاد الرافدين - أننا لم نجعل من البيعة للقاعدة شرطاً للتناصر بين المسلمين، ولم نعقد الولاء والبراء على هذا الأمر، وهذه عقيدة أهل السنّة والجماعة، على الرغم من حرصنا وسعينا لجمع الكلمة، تنفيذاً لأمر ربنا ونُصرةً للتوحيد وأهله، وما دام المرء مسلماً؛ فله علينا حق النّصرة وواجب الولاء، فلكل مسلم نصيباً من والولاء والنّصرة، بحسب التزامه بالشرع وقربه من السنة أو بعده عنها.
ثالثا:
أمّا النتيجة التي توصل إليها كاتب الخبر - تأسيسا على الأكاذيب التي أوردها - وهي مسألة استباحة دماء المسلمين؛ فتلك فريةٌ قديمة، وتُهمةٌ أُصّل لها في كلّ أرض أينعت فيها ثمار التوحيد وخرجت منها جحافل المجاهدين.
ولا نجد للردّ على هذه الفرية خيراً من كلمات الشيخ المجاهد يوسف العييري رحمه الله وتقبله في الشهداء، في ردّ هذه الشبهة التي اتّهم فيها مجاهدو القاعدة في جزيرة العرب.
فيقول: (إذ كيف نخرج ونكابد المشاق، ونعالج المخاطر والفتن، نخرج من بلادنا ومن رغد العيش والسلامة، لنصل إلى بلاد الأفغان والشيشان والبوسنة والصومال وكشمير وغيرها من ديار الإسلام، لماذا ذهبنا إلى هناك وتجاوزنا كل المشاق والمخاطر؟!
لقد ذهبنا إلى هناك لندافع عن أعراض المسلمين، وعن دينهم وعن أمنهم ونحفظ أرواحهم ونضع دماءنا دون دمائهم؟! فهل يعقل أن نفدي الأبعدين بدمائنا، ونضع نحورنا دون نحورهم، ثم نقرر ترويع الأقربين من أهلنا وسفك دمائهم؟!
هذا لا يقبله عقل سليم، فضلاً عن مسلم يعرف شرع الله وأدلة الكتاب والسنة، إننا لسنا من أهل الضلال والزيغ حتى نوجه سلاحنا لأي مسلم، فإن كان يزعم زاعم؛ بأننا نكفر عموم المسلمين ونستبيح قتلهم، فنعوذ بالله من هذا الضلال.
ولو كنا نكفر عموم المسلمين لماذا ذهبنا للدفاع عن إخواننا في البوسنة أو في الشيشان، الذين لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادة؟!).
إنّ المرء لا يفهم من هذه الحملة على المجاهدين في هذا الوقت بالذات إلا حرباً إعلامية موجّهة لتشويه صورة الجهاد في بلاد الرافدين، وهذا غاية ما يبتغيه الصليبيون وفراخهم المرتدّون في المنطقة لإيقاف مدّ الجهاد الذي بدأ يجرفهم إلى مزبلة التأريخ، ولو كان في كنانة هؤلاء بقية من سهام فالأولى توجيهها إلى نحور إخوة القردة والخنازير وعملائهم، وأصحاب الإسلام "الوطني" الذين أغدقوا عليهم المديح ولم يتركوا للمفاخر صلة إلا ونسبوها لهم.
وما أروع ما وصف به شيخنا وأميرنا أبو مصعب الزرقاوي حفظه الله حال هؤلاء مع المجاهدين، حيث قال: (وإن أراد المتكلّم وجه الله بكلامه، فسبيلُه النّصح لا الطّعن والتّشهير والنّبز والرمي بكل سوءٍ وقبيح، والنّصح قد علم طريقه كلّ عاقلٍ فضلاً عن أهل العلم، فكان الكلام في هؤلاء القومِ بالطعن والنقص والذنب ونحوه، ليس له من معنى إلا أن يكون دخَلاً في الدين أو غِلاً للمؤمنين أو جهلا بالشرع، أو انتصارا للنّفس وأهوائها، ومن ذلك اتخاذهم مطيّة لإظهار الإعتدال والوسطية المزعومة، والله يعلم المُفسد من المُصلح، وقد قال تعالى: {ستُكتبُ شهادتُهم ويُسألون}.
وليحذر العبد أن يأتي يوم القيامة وخصماؤه المجاهدون في سبيل الله، المدافعون عن دينه، الباذلون مهجهم حباً فيه وإرضاءً له، ولله درّ القائل:
غير أنّ الطعن والتشهير والتجريح في هؤلاء القوم، المركبُ الأرغد والفراش الممهّد والطريق المعبّد، أمّا الدفاع عنهم وإنصافهم وإعطاؤهم حقهم من الموالاة؛ فذاك دربٌ لا تؤمن غوائله ولا تُحمدُ عواقبه).
والله أكبر... الله أكبر... ولله العزة ولرسوله وللمجاهدين.
أما بعد...
فقد أورد موقع "مفكرة الإسلام" نقلا عمّن قال أنه مراسل "المفكرة" في مدينة الرمادي خبراً مفاده: (أن أربعة مواطنين من أهل السنة قتلوا صباح اليوم في الساعات الأولى للاستفتاء بعد خروجهم من أحد المراكز وتصويتهم بـ "لا" على الدستور على يد عناصر تنظيم القاعدة، بحسب ما أعلنه أهالي القتلى...)، إلى أن قال: (والسؤال المطروح على الساحة العراقية؛ متى يتوقف تنظيم القاعدة عن مسلسل إباحة دماء المسلمين تحت دعاوى متعددة، بعد مقتل عدد من أبناء السنة في الرمادي اليوم بدعوى مشاركتهم في التصويت، وقبلها أهدر دم أعضاء الحزب الإسلامي، وقبل ذلك حمل أتباعه السلاح على رجال الفصائل الأخرى في حصار الفلوجة الثاني، تحت دعوى أن الواجب عليهم أن يدخلوا تحت بيعة الزرقاوي بعد دعوة أسامة بن لادن لذلك، ونتج عن هذا الخلاف؛ تزعزع موقف المقاومة، فقامت قوات الاحتلال الأمريكية باقتحامها المشهور للجزء الجنوبي من الفلوجة، بعدما كانت المقاومة تسترد أنفاسها وتتقدم شمالاً) اهـ
ورغم إنها ليست المرّة الأولى التي يورد فيها الموقع مثل هذه الأخبار المفتراة، إلا أنّ الأمر استوجب البيان ردّاً للشُبه الخطيرة التي سعى الموقع لنشرها في هذه المرحلة الحساسة في صراع الأمّة مع أعدائها.
ورغم المآخذ الشرعية الكثيرة على أمثال هذا الموقع، الذي يُحسب على المواقع الإخبارية الإسلامية، إلا أنّنا سنحصر الردّ فيما أوردته "المفكرة" من أباطيل في هذا الخبر، طلباً للإختصار الذي نرجو أن لا يخلّ بالمقصود:
أولاً:
إنّ الناظر لطريقة الصياغة لا يخفى عليه مدى تحامل الكاتب على المجاهدين في تنظيم القاعدة، وهذه الطريقة أبعد ما تكون عن عمليةِ نقلٍ لخبر - مهما كانت درجة الصّحة من الكذب فيه - بل هو موقف سياسيّ مبني على مجموعة وقائع - سنأتي عليها لاحقاً - وهذا الموقف ينتهي إلى تساؤل خطير هو؛ "والسؤال المطروح على الساحة العراقية؛ متى يتوقف تنظيم القاعدة عن مسلسل إباحة دماء المسلمين تحت دعاوى متعددة"، اذاً فهذه هي الرسالة التي يريد الموقع إيصالها، وسيجري ردّ هذه الشبهة إن شاء الله.
ثانياً:
إنّ هذا الاستنتاج بُني أساساً على مجموعة أكاذيب؛ وهذا أقلّ ما توصف به ما احتوته هذه المقالة من أخبار وهي:
1) "أن أربعة مواطنين من أهل السنة قتلوا صباح اليوم في الساعات الأولى للاستفتاء بعد خروجهم من أحد المراكز وتصويتهم بـ "لا" على الدستور على يد عناصر تنظيم القاعدة، بحسب ما أعلنه أهالي القتلى".
وهذه الحادثة - أي قتل أربعة من المصوّتين على الدّستور - لم تتأكد لدينا بعد سؤال الإخوة من أهل المنطقة المذكورة، أمّا نسبةُ هذا الأمر - على فرض وقوعه - لمجاهدي القاعدة "بحسب ما أعلنه أهالي القتلى!" كما صاغه كاتبُ الخبر؛ فليس له أي أساس من الصّحة، وهي والله من البهتان.
فالسياسة الشرعية للجماعة؛ هي عدم استهداف مراكز الإستفتاء، بسبب التلبيس الكبير الذي أحدثته حملات الدعاية الدّاخلية والخارجية، وخاصة من "علماء" السّوء وأصحاب الإسلام "الديمقراطي" و "الوطني"، وخاصة على عوامّ أهل السنّة، فألبست عليهم دينهم وألقت عليهم الشّبه التي فهم منها هؤلاء أن التصويت بـ "لا" هو نوع من أنواع إنكار المُنكر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وقد فنّد القسم الإعلامي أكذوبة سابقة مماثلة، نُسبت للشيخ أبي مصعب حفظه الله، في تهديد أهل السنة بالقتل، والتي روّجت لها وسائل الإعلام بعد أحداث تلّعفر الأبية، وإعلان الشيخ الحرب على الرّوافض الكفار.
ومما جاء في البيان المذكور: (أطلّت علينا وسائل الإعلام بما لم يفاجئنا؛ فاقتطعت ما شاء لها السيد الأمريكي أن تعرضه من كلام الشيخ، ثم نسبت إليه ما لم يقله، في تهديد أهل السنّة والجماعة ممن قرر رفض الدستور بالقتل إن هم توجهوا للاستفتاء عليه، وهذا كلّه كذب ومحض افتراء... إلى آخر البيان).
أمّا الهيئة الشرعية؛ فقد أصدرت أكثر من بيان حول موقف الجماعة من مسألة الدستور الكفري، واجتهدت بحسب إمكاناتها في كشف الشّبه حول هذه النّازلة التي ابتلي بها المسلمون، وقد ردّت على الفرية السابقة حول تهديد أهل السنّة، وعلى لسان الشيخ أبي حمزة البغدادي حفظه الله.
ومما جاء في البيان: (وقد أثارت جهات إعلامية معروفة الأغراض والنوايا، فريةً شاركتها بها بعض الأطراف المحسوبة على أهل السنة ومنها "هيئة علماء المسلمين" في العراق، والتي ادعوا فيها بأن الشيخ أبا مصعب حفظه الله هدد أهل السنّة والجماعة ممن قرر رفض الدستور بالقتل، إن هم توجهوا للاستفتاء عليه، وهذا كلّه كذب ومحض افتراء، وقلب للحقائق الشرعية التي أصلها الشيخ حفظه الله في خطابه... فالمسلمون أهل السنة والجماعة هم أهلنا، وهم أبناء القاعدة التي أهريق دمها على أرض الرافدين دفاعا عن كلمة لا إله إلا الله، وذبا عن أعراض ودماء المسلمين وحرماتهم... فكيف لنا يا أهل السنة أن نضع دماءنا دون دمائكم، ونحورنا دون نحوركم ثمّ نُتهم زورا بترويعكم وتهديدكم وسفك دمائكم، هذا لا يقبله شرع الملك الوهاب ولا عقل ذوي الألباب... إلى آخر البيان).
2) الكذبة الثانية قولهم؛ (وقبلها أهدر دم أعضاء "الحزب الإسلامي").
وهذا أيضاً من البهتان البيّن، فإضافة لما سبق أن قلناه، نتحدى هؤلاء أن يظهروا لنا؛ أين أعلنت الجماعة إهدار دم المنتمين للحزب "الإسلامي"؟! وبيانات الجماعة وهي بالعشرات موجودة على مواقع الإنترنت، ومتى وأين استهدفت الجماعة المنتمين لهذا الحزب؟! ومقرّات هؤلاء منتشرة في كثير من مناطق أهل السنّة.
هذا رغم خلافنا المنهجي الواضح مع هذا الحزب الضّال.
أما إن كان المقصود؛ ما وصف به الشيخ أبو مصعب حفظه الله رؤوسهم، فهذا والله ديننا الذي لا نقيل عنه ولا نستقيل، فهؤلاء خانوا الله ورسوله، وارتقوا مراتب الضلالة حتى أصبحوا دعاةً على أبواب جهنم، يبشّرون بدين "الديمقراطية"، ويوالون الكفّار من الصليبيين والمرتدّين، ويصدّون عن الجهاد والمجاهدين، ويروّجون سياسة الخنوع والخضوع، ولا يغارون على أعراض المسلمين، ومواقفهم المخزية المعلنة خير من يصف حالهم.
3) يقول الخبر: (وقبل ذلك؛ حمل أتباعه السلاح على رجال الفصائل الأخرى في حصار الفلوجة الثاني، تحت دعوى أن الواجب عليهم أن يدخلوا تحت بيعة الزرقاوي، بعد دعوة أسامة بن لادن لذلك، ونتج عن هذا الخلاف تزعزع موقف المقاومة؛ فقامت قوات الاحتلال الأمريكية باقتحامها المشهور للجزء الجنوبي من الفلوجة بعدما كانت المقاومة تسترد أنفاسها وتتقدم شمالاً)!
سبحانك هذا بهتان آخرُ عظيم، فمجاهدو التنظيم لم يرفعوا سلاحا في وجه مسلم قاعدٍ فضلا عن أن يكون مجاهداً، حاشا وكلا، ولمَسلمٌ موحدٌ مجاهدٌ في سبيل الله على ما يحملُ من بِدَعٍ، خير عندنا من ملئ الأرض ممّن يدّعي العلم بالتوحيد، وهو قاعدٌ يخذّل المسلمين ويصدّ عن سبيل الجهاد.
وإنّ أكثر ما يؤلم في هذا الأمر التّعرض لتلك الثلّة من المجاهدين في معركة الفلوجة، والتي أجرت بيعها مع ربّها وبايعت على الموت على أن تترك أرضاً أقيم عليها شرعُ الله، وكثيرٌ منهم قضى نحبه في تلك الملحمة، ومنهم من ينتظر...
أفهكذا يُذكر أبطال الأمّة؟! أفهكذا تُسرد ملاحمهم؟! والله لا نقول إلا أن يجيرنا الله في هذه المصيبة التي ابتلي بها أهل الإسلام.
أمّا مسألة البيعة؛ التي طُرحت بأسلوب وقح تجاه الشيخين الجليلين نصرهما الله، فليكن معلوماً - وهذا الأمر يعرفه الإخوة من بقية الجماعات المجاهدة السّنية في بلاد الرافدين - أننا لم نجعل من البيعة للقاعدة شرطاً للتناصر بين المسلمين، ولم نعقد الولاء والبراء على هذا الأمر، وهذه عقيدة أهل السنّة والجماعة، على الرغم من حرصنا وسعينا لجمع الكلمة، تنفيذاً لأمر ربنا ونُصرةً للتوحيد وأهله، وما دام المرء مسلماً؛ فله علينا حق النّصرة وواجب الولاء، فلكل مسلم نصيباً من والولاء والنّصرة، بحسب التزامه بالشرع وقربه من السنة أو بعده عنها.
ثالثا:
أمّا النتيجة التي توصل إليها كاتب الخبر - تأسيسا على الأكاذيب التي أوردها - وهي مسألة استباحة دماء المسلمين؛ فتلك فريةٌ قديمة، وتُهمةٌ أُصّل لها في كلّ أرض أينعت فيها ثمار التوحيد وخرجت منها جحافل المجاهدين.
ولا نجد للردّ على هذه الفرية خيراً من كلمات الشيخ المجاهد يوسف العييري رحمه الله وتقبله في الشهداء، في ردّ هذه الشبهة التي اتّهم فيها مجاهدو القاعدة في جزيرة العرب.
فيقول: (إذ كيف نخرج ونكابد المشاق، ونعالج المخاطر والفتن، نخرج من بلادنا ومن رغد العيش والسلامة، لنصل إلى بلاد الأفغان والشيشان والبوسنة والصومال وكشمير وغيرها من ديار الإسلام، لماذا ذهبنا إلى هناك وتجاوزنا كل المشاق والمخاطر؟!
لقد ذهبنا إلى هناك لندافع عن أعراض المسلمين، وعن دينهم وعن أمنهم ونحفظ أرواحهم ونضع دماءنا دون دمائهم؟! فهل يعقل أن نفدي الأبعدين بدمائنا، ونضع نحورنا دون نحورهم، ثم نقرر ترويع الأقربين من أهلنا وسفك دمائهم؟!
هذا لا يقبله عقل سليم، فضلاً عن مسلم يعرف شرع الله وأدلة الكتاب والسنة، إننا لسنا من أهل الضلال والزيغ حتى نوجه سلاحنا لأي مسلم، فإن كان يزعم زاعم؛ بأننا نكفر عموم المسلمين ونستبيح قتلهم، فنعوذ بالله من هذا الضلال.
ولو كنا نكفر عموم المسلمين لماذا ذهبنا للدفاع عن إخواننا في البوسنة أو في الشيشان، الذين لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادة؟!).
إنّ المرء لا يفهم من هذه الحملة على المجاهدين في هذا الوقت بالذات إلا حرباً إعلامية موجّهة لتشويه صورة الجهاد في بلاد الرافدين، وهذا غاية ما يبتغيه الصليبيون وفراخهم المرتدّون في المنطقة لإيقاف مدّ الجهاد الذي بدأ يجرفهم إلى مزبلة التأريخ، ولو كان في كنانة هؤلاء بقية من سهام فالأولى توجيهها إلى نحور إخوة القردة والخنازير وعملائهم، وأصحاب الإسلام "الوطني" الذين أغدقوا عليهم المديح ولم يتركوا للمفاخر صلة إلا ونسبوها لهم.
وما أروع ما وصف به شيخنا وأميرنا أبو مصعب الزرقاوي حفظه الله حال هؤلاء مع المجاهدين، حيث قال: (وإن أراد المتكلّم وجه الله بكلامه، فسبيلُه النّصح لا الطّعن والتّشهير والنّبز والرمي بكل سوءٍ وقبيح، والنّصح قد علم طريقه كلّ عاقلٍ فضلاً عن أهل العلم، فكان الكلام في هؤلاء القومِ بالطعن والنقص والذنب ونحوه، ليس له من معنى إلا أن يكون دخَلاً في الدين أو غِلاً للمؤمنين أو جهلا بالشرع، أو انتصارا للنّفس وأهوائها، ومن ذلك اتخاذهم مطيّة لإظهار الإعتدال والوسطية المزعومة، والله يعلم المُفسد من المُصلح، وقد قال تعالى: {ستُكتبُ شهادتُهم ويُسألون}.
وليحذر العبد أن يأتي يوم القيامة وخصماؤه المجاهدون في سبيل الله، المدافعون عن دينه، الباذلون مهجهم حباً فيه وإرضاءً له، ولله درّ القائل:
إلى ديّان يوم الدّين نمضي | وعند الله تجتمع الخصومُ | |
ستعلم في الحساب إذا التقينا | غداً عند الإله من المَلومُ |
غير أنّ الطعن والتشهير والتجريح في هؤلاء القوم، المركبُ الأرغد والفراش الممهّد والطريق المعبّد، أمّا الدفاع عنهم وإنصافهم وإعطاؤهم حقهم من الموالاة؛ فذاك دربٌ لا تؤمن غوائله ولا تُحمدُ عواقبه).
{وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}
والله أكبر... الله أكبر... ولله العزة ولرسوله وللمجاهدين.
أبو ميسرة العراقي
القسم الإعلامي بتنظيم القاعدة
في بلاد الرافدين
الجمعة؛ 18/رمضان/1426 هجرية
القسم الإعلامي بتنظيم القاعدة
في بلاد الرافدين
الجمعة؛ 18/رمضان/1426 هجرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق