الأحد، 16 سبتمبر 2012

لة قتل المرتد هي الكفر بعد الإسلام وليس الحرابة


ع
7- قال جميل منصور:
(وليس عقوبة لتغيير الدين )
***
هذه الدعوى يكذبها أنه لا دليل عليها ويكذبها أن الأدلة الشرعية دالة على أن العلة في قتل المرتد هي تغيير الدين ’ ومن ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " ففي هذا الحديث نص على أن العلة في قتل المرتد هي تبديل الدين، لأنه عطف الحكم بالفاء على العلة، ويستعمل حرف الفاء لعطف الحكم على العلة،
قال الزركشي :
(ومنها ترتب الحكم على العلة بحرف الفاء لأنها ظاهرة في التعقيب ويلزم من ذلك العلية غالبا لأنه لا معني لكون الوصف علة إلا ما ثبت الحكم عقبه وترتب عليه ).
ثم ذكر أن التعقيب بالفاء قد يدل على العلية بالصريح فقال :
(ولكن قد يدل بالصريح وذلك فيما إذا تعذر حملها على غير التعليل في بعض المواضع لدليل خاص فتصير نصا في التعليل ) [تشنيف المسامع للزركشي ج2 ص 74 75].
والدليل الخاص موجود بالنسبة لهذا الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث ..." وحديث أبي موسى : " كان يهوديا فأسلم فارتد عن الإسلام " إذ يتضح من خلال الحديثين أن العلة في قتل المرتد هي مفارقته للدين،
وبهذا يتضح أن قوله صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " يدل بالنص _لا بالظاهرفحسب _على أن العلة في قتل المرتد هي تبديل الدين .
قال الشوكاني : (والأدلة قد دلت على أن الردة سبب القتل وأن هذا السبب مستقل بالسببية كما في حديث " من بدل دينه فاقتلوه ") [السيل الجرار ج 4 ص 372].
8- قوله :
(أنه مرتبط بمرحلة معينة، كانت جماعات من اليهود تدخل الدين أول النهار وتتركه آخره لعلها ترجع الناس عن الإيمان).
***
ارتباط حد الردة بهذا الأمر تكذبه عدة أمور :
1- أنه لا دليل عليه من سنة ولا أثر إذ لم يرد في شيء من السنن والآثار أن قتل المرتد كان قاصرا على أمر معين .
2- أنه متناقض مع زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطبق حد الردة في حياته، إذ كيف يكفر هؤلاء كل يوم ولا يطبق في أحد منهم حد الردة مع أنه ما شرع إلا ردعا لهم ؟ !!
3- قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث ..." يدل على أن قتل المرتد مشروع مطلقا لأن الحديث جاء في معرض بيان الدم المباح في الشرع.
4- قتل معاذ وأبي موسى للذي ارتد في اليمن دليل على أن الأمر ليس خاصا بيهود المدينة .
5- أن الإجماع منعقد على عموم الحكم.
9- قوله :
(و بتالي ليس حدا قائما على المرتد بسبب تغييره لدينه).
***
هذا الكلام رد لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي علق وجوب القتل بتبديل الدين وجعله مناطا له.
ورد لإجماع الأمة التي انعقد اجماعها على قتل المرتد والعمل بالأحاديث الصحيحة الآمرة به.
واتهام لها بالجهل حيث ظلت طيلة القرون الماضية متفقة على العمل بحكم منسوخ !!
ولكن من هو العالم الذي قال بنسخ أحاديث قتل المرتد وقال إنها مرتبطة بمرحلة معينة ؟ وما هو دليله؟
وهل يثبت النسخ بكل دعوي؟ {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين }.
هل طبق النبي صلى الله عليه وسلم حد الردة ؟
10- قوله :
(لذلك النبي صلى الله عليه وسلم توفي ولم يقم حد ردة)
لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يقم حد الردة، بل نقل عنه أنه أقام حد الردة وقد ذكرنا في المسألة الأولى أن قتل المرتد ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة القولية والفعلية والتقريرية.
وذكرنا حديث البراء في الذي تزوج امرأة أبيه وأن النبي صلي الله عليه وسلم أمر بقته وخمّس ماله،
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «ارتدت امرأة عن الإسلام فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعرض عليها الإسلام وإلاّ قُتلت، فعرضوا عليها الإسلام فأبت إلا أن تقتل، فقُتلت» [سنن البيهقي (17337)].
وقال ابن حجر: (وأخرج الدارقطني عن ابن المنكدر " عن جابر أن امرأة ارتدت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها" وهو يعكر على ما نقله ابن الطلاع في الأحكام أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل مرتدة) ذكره في باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم.
فكيف ينسب هؤلاء القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم ينقل عنه ولا ينسبون إليه ما نقل عنه ؟ !
وحتى لو لم ينقل ذلك عنه فعدم النقل ليس دليلا على عدم الوقوع إذ قد يقع ولا ينقل وعلى فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم حد الردة في حياته فليس ذلك دليلا على عدم مشروعيته إذ قد يكون ذلك لعدم الردة أصلا أو لعدم التمكن من المرتد ..
ويكفي في إثبات الحكم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل المرتد لأن أمره أبلغ في تقرير الوجوب من مجرد فعله .
أضف إلى ذلك أنه قد تقرر في علم الأصول أن المثبت مقدم على النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم، وأن عدم العلم بالشيء لا يعني العلم بعدمه. ونحن قد أثبتا بعلم، وهم قد نفوا بجهل!
11- قوله:
( وعمر بن الخطاب حينما جاءته جماعة من الصحابة بأنها أقامت حدا على مرتد فتبرأ من أعمالهم وقال لو أتيتموني به لاستتبته ثلاثة أيام فإن لم يتب أودعته السجن، ).
***
ذكرت في المسألة السابعة أن هذا الكلام ما هو إلا تخليط وتلبيس لأن صاحبه يحاول إيهامنا بأن استتابة ثلاثة أيام وإيداع السجن المذكورين في أثر عمر متغايرين وقد تبين من خلال المقارنة بين روايات الأثر أنهما شيء واحد وأن كل رواية عبرت بأحد اللفظين.
وقد بينت هناك أن أثر عمر هذا المقصود به إنكار ترك الاستتابة لا إنكار قتل المرتد.
قتل المرتد تعزير أم حد ؟
12- قوله:
(فَهِم بعض العلماء من ذلك أنه حد تعزيري وتقديري وللقائد وللرئيس وللإمام وليس حدا وقفيا كالحدود الأخرى).
***
ليس في الشريعة الإسلامية شيء اسمه حد تعزيري فالعقوبة في الشريعة الإسلامية إما أن تكون حدا وإما أن تكون تعزيرا، والحدود الشرعية ليس من صلاحيات الإمام التدخل فيها لا بالعفو ولا بالتخفيف وإنما يحق له ذلك في العقوبة التعزيرية اللتي هي موكلة إليه، وقد بينت فيما سبق أن عقوبة المرتد حد لا تعزير،
فالقول بأن عقوبة المرتد تعزير وأنها من صلاحيات الإمام متلازمان، فحيث كانت تعزيرا فهي من صلاحيات الإمام وحيث لم تكن تعزيرا فليست من صلاحياته،
فكلامه إعادة لفكرة واحدة بأسلوب آخر لا جديد فيه !!
والقول بأن قتل المرتد كان من النبي صلى الله عليه وسلم علي وجه التعزير يمكن أيضا أن يقال بالنسبة لحد شارب الخمر ورجم الزاني المحصن لأن القرآن لم يرد فيه ذكرهما!!
فهل نترك حدود الله تعالى من أجل دعاوي المتلاعبين ؟!!
وقد قال عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس على المنبر :
(أخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ) [رواه البخاري ومسلم].
وقد صدق ظن عمر رضي الله عنه حيث ظهر في هذه الأيام من ينفي الرجم لأنه لم يرد في القرآن !!
حيث قال :( ... وحق لى من بعد أن انتقل الى المفاجاة الكبرى وهى أنه لا رجم في الإسلام كما هو مذهب الخوارج عامة ومنكم من يعتد بخلافه فقهيا .
 فضلا عن ان القضية هى باب الرواية فتصدق عليهم قاعدة يؤخذ برواياتهم . لا بآرائهم . على ان ماشاع وذاع من قول بالرجيم يعتمد على طائفة من الاحاديث لم ترتفع عن درجة الحسن منها الحديث المتعلق بماعز بن مالك الاسلمى والحديث المتعلق بالغامدية الازدية . والاتفاق قائم بدون منازع على أن لحديث المخالف مخالفة صريحة للقرآن لايعتد به مهما كانت درجته ) [أين الخطأ- عبدالله العلايلى ص 87].
فهل يوافق نفاة حد الردة من الإخوان على كلام هذا الرجل ؟
وما هو الفرق بين نفيه هو للرجم ونفيهم هم لحد الردة ؟
بدعة التفريق بين ما ورد في السنة وما ورد في القرآن:
13- قوله :
(استغرب بعضهم أن هذا الحد رغم أهميته لم يرد في كتاب الله).
***
هذا الكلام لا معنى له لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله تعالى ودليل مستقل يجب اتباع ما وردفيه ولو لم يرد في القرآن، والمخالف له مخالف للقرآن .
وقد روى البخاري (5939) عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنـه ـ: أنه لعن الواشمات والمتنمّصات والمتفلجات للحسن المغــيرات خـلق الله، فـقـالـت امـرأة قـرأتِ القـرآن يـقـال لـهـا أم يعـقـوب: مـا هذا؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- وهـو في كـتاب الله. قالت: لقد قرأت ما بين اللـوحين فما وجـدتُـهُ. قـال: والله لو قرأتيـه لقـد وجـدتـيه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
وقد تكررت الآيات التي تبين أن السنة وحي من الله وأنها منزلة من عند الله مثل القرآن تماما :
قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } والمقصود بالذكر هنا السنة لأنها هي التي تبين للناس القرآن وفي الآية تصريح بأنها منزلة من الله مثل القرآن.
وقال تعالى : {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم } وهذه الحكمة المنزلة هي السنة وليست القرآن لأنها معطوفة عليه والعطف يقتضي المغايرة.
وقال تعالى: {واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة }
 والتلاوة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم المقصود بها تنزيل الوحي والحكمة هي السنة،
فدلت الآية على أن السنة منزلة مثل القرآن
وتكررت الآيات التي تبين أن النبي صلي الله عليه وسلم متبع للوحي ولا يأمر إلا بما فيه موافقة له :
قال تعالى: {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي }
وقال تعالى: {قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي }
وأمر الله تعالى بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وامتثال كل ما أمر به واجتناب كل ما نهى عنه
فقال : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }
وأقسم الله تعالى بأنه لا يؤمن أحد حتى يحكّم النبي صلى الله عليه وسلم ويرضى ويسلم لحكمه : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }.
وأخبر بأن عدم الإستجابة له اتباع للهوى فقال: {فإن لم يستجيبو لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم }
وأخبر بأن طاعته طاعة لله فقال: {من يطع الرسول فقد أطاع الله }.
وحذر الله تعالى من مخالفة النبي صلي الله عليه وسلم وعدم امتثال أمره فقال : {فاليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }.
وعطف الله تعالى طاعة النبي صلي الله عليه وسلم على طاعته في أكثر من آية :
فقال تعالى: {وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ}.
وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ}.
وقال: {وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم}.
وهذا الاستدلال الذي ذكره جميل منصور ما كان ينبغي له أن يذكره لأنه لا يتفق مع منهج أهل السنة وإنما مع منهج أحمد صبحي منصور وغيره من نفاة السنة الذين يسمون أنفسهم "القرآنيين" إي الذين لا يؤمنون إلا بما ورد في القرآن ويرفضون أن تكون السنة دليلا شرعيا، وهؤلاء يصدق عليهم ما رواه الحاكم والترمذي وابن ماجه بسند صحيح:
عن الحسن بن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (حرم رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم خيبر أشياء ثم قال : يوشك أحدكم أن يكذبني وهو متكئ يحدَث بحديثي فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ).
وهذا الاستدلال أشبه بمنهج الخوارج الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
 (والخوارج لا يتمسكون من السنة إلا بما فسر مجملها دون ما خالف ظاهر القرآن عندهم فلا يرجمون الزاني ولا يرون للسرقة نصابا وحينئذ فقد يقولون : ليس في القرآن قتل المرتد) [مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 3 / ص 149)].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق