الأحد، 16 سبتمبر 2012

مقتطفات من كلام عدد من أئمة الدعوة في الرد على شبهات أخرى استدل بها سدنة النظام السعودي على جواز الاستعانة بالكفار


أ) شبهة ان الأمن قد حصل بالاستعانة بالمشركين:

قال رحمه الله في رسالة إلى إبراهيم بن عبد الملك:

(... وأخبث هؤلاء وأجهلهم، من قال: "إنه حصل بهم راحة للناس، وعدم ظلم وتعد على الحضر"!

وهذا الصنف أضل القوم، وأعماهم عن الهدى، وأشدهم محادة لله ورسوله ولأهل الإيمان والتقى، لأنه لم يعرف الراحة التي حصلت بالرسل، وبما جاؤوا به في الدنيا والآخرة، ولم يؤمنوا بها الإيمان النافع.

والمسلم يعرف أن الراحة كل الراحة، والعدل كل العدل، واللذة كل اللذة؛ في الإيمان بالله ورسوله، والقيام بما أنزل الله من الكتاب والحكمة، وإخلاص الدين له، وجهاد أعدائه وأعداء رسوله، وأنه باب من أبواب الجنة، يحصل به النعيم والفرح واللذة، في الدور الثلاث، قال الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ... الآية}.

ولو علم هذا المتكلم؛ أن الشرك أظلم الظلم، وأكبر الكبائر، وأقبح الفساد وأفحشه، لكان له مندوحة عن مثل هذا الجهل الموبق، قال الله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}، وقال تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}، فجعل الخسار كله بحذافيره، في أهل هذه الخصال الثلاث، كما يفيده الضمير المقحم بين المبتدأ والخبر.

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، فهذا الفساد المشار إليه، في هذه الآيات الثلاث الكريمات، هو الفساد الحاصل بالكفر والشرك، وترك الجهاد في سبيل الله، واتخاذ أعداء الله أولياء من دون المؤمنين.

وبالجملة؛ فمن عرف غور هذا الكلام - أعني قول بعضهم: "إنه حصل بهم راحة للناس، وعدم ظلم وتعد على الحضر" - تبين له ما فيه من المحادة والمشاقة لما جاءت به الرسل، وعرف أن قائله ليس من الكفر ببعيد.

والواجب على مثلك؛ أن يجاهدهم بآيات الله، ويخوفهم من الله وانتقامه، ويدعو إلى دينه وكتابه، والهجر مشروع إذا كان فيه مصلحة راجحة، ونكاية لأرباب الجرائم، وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأزمان.

والله المستعان...) [52].

ب) شبهة ان المشركين جاءوا لنصرة "دولة التوحيد"!

قال رحمه الله في رسالة إلى إبراهيم ورشيد بن عوين وعيسى بن إبراهيم ومحمد بن علي وإبراهيم بن راشد وعثمان بن رقيب:

(... والقول: "بأنهم جاؤوا لنصر إمام أو دين"؛ قول يدل على ضعف دين قائله، وعدم بصيرته وضعف عقله، وانقياده لداعي الهوى، وعدم معرفته بالدول والناس.

وذلك لا يروج إلا على سواسية الأعراب، ومن نكب عن طريق الحق والصواب...) [53].

ج) شبهة أن مصلحة الدولة تقتضي الاستعانة بالمشركين:

قال الشيخ سليمان بن سحمان في حاشيته على رسالة الشيخ عبد اللطيف في الرد على ابن عجلان:

(غلط صاحب الرسالة [54] في معرفة الضرورة، فظنها عائدة إلى مصلحة ولي الأمر في رياسته وسلطانه.

وليس الأمر كما زعم ظنه.

بل هي ضرورة الدين، وحاجته إلى ما يعين عليه، وتحصل به مصلحته، كما صرح به من قال بالجواز، وقد تقدم ما فيه.

والله أعلم) [55].

ج) شبهة أن "العلماء" قد افتوا بجواز الاستعانة بالمشركين، وهم أدرى بالأدلة من غيرهم:

وهذه أكثر الشبه تردداً على ألسنة مقلدي سدنة الطواغيت في مسألة الاستعانة.

فهم كما قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في رده على بعض المبتدعة: (وليس عند هؤلاء؛ إلا اتباع عادة أسلافهم ومشايخهم، يعرف هذا من ناظرهم ومارسهم، ودعواهم عريضة، وعجزهم ظاهر) [56].

قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله: (وقول القائل: "لو أن هذا ما يجوز، ما خفي على فلان وفلان"! فهذه شبهة باطلة.

وقد روى ابن وضاح، عن عمر رضي الله عنه، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيتي - وأنا أعرف الحزن في وجهه - فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، فقلت: "أجل، إنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذلك يا رسول الله؟"، قال: "أتاني جبرائيل، فقال: إن أمتك مفتتنة بعد قليل من الدهر غير كثير"، قلت: "فتنة كفر؟ أم فتنة ضلالة؟"، قال: "كل سيكون"، قلت: "وأين يأتيهم ذلك، وأنا تارك فيهم كتاب الله؟!"، قال: "بكتاب الله يضلون" – أي؛ يتأولونه على غير تأويله – وزاد: "من قبل قرائهم وأمرائهم".

قال محمد بن وضاح: "الخير بعد الأنبياء ينقص، والشر يزداد".

وقال: "إنما هلك بنو إسرائيل على يد قرائهم وفقهائهم، وستهلك هذه الأمة على أيدي قرائهم وفقهائهم".

قال ابن المبارك:

وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها

وقد أخبر الله سبحانه عن اليهود؛ أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه - أي؛ يتأولون كتاب الله على غير ما أراد الله - وقال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، وأخبر عنهم أنهم: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}.

ولا بد أن يوجد في هذه الأمة من يتابعهم على ما ذمهم الله به.

والإنسان إذا عرف الحق من ضده؛ لم يبال بمخالفة من خالف - كائناً من كان - ولا يكبر في صدره مخالفة عالم ولا عابد، لأن هذا أمر لا بد منه.

وما أخوفني على من عاش أن يرى أموراً عظيمة؛ لا منكر لها، والله المستعان) [57].



[52] د: ج8/ص357 - 358، م: ج3/ص 25.

[53] د: ج8/ص18 - 19، م: ج3/ص 171.

[54] يعني ابن عجلان.

[55] د: ج8/ص374 – 394، م: ج3/ص160 – 165.

[56] م: ج3/ص452.

[57] د: ج12 /ص141 – 142، م: ج2/ص241 - 242.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق